الفنان بشير , الذي وصلني شيء من لوحاته المصورة في البريد , مدهش في اكثر من معنى . لوحاته ساعية الى الكمال : في التقنية الشغوفة بأشياء الواقع في ذاتها ، في أستلهام الضوء , في التوازن , في القصيدة التي وراء اختيار الموضوع ,في الشكل ,والنسيج , واللون , وأخيرا في المضامين المفتوحة التي تغذي كل بصيرة فردية بما تريد .
الكراسي والأسرة والضوء , التي يراها مقدم دليل الفنان رموزا للسلام والهدوء , أراها , على العكس ، خشبة مسرح مفعمة الدراما بالعزلة والهجر والفقدان .
ان غياب الأنسان عن المشهد ليس ألا خدعة بصرية , الصرخة المكتومة لأشيائه تجعله كثيف الحضور .
خذ لوحة ( الحقيبة ) هذه . الشرشف المتهدل من فم الحقيبة تابع لرجل كثير الأسفار . انه وقاية من تلوث الأسرة اللامعدودة للفنادق الرخيصة والبطانية المدعوكة المتهدلة أنما بفعل نوم عكر .
والأزهار المجففة أزهار زينة لا مناسبة لها ولا مكان . والضوء يقبل من مكان علوي خاف دائما . والعمود المركون على الجدار هل هو صولجان , عكاز , أم عصا وردية لسحر الماضي الذي لا يعود؟ مـــــــن يعرف !
في مطلع عام 2000 كتبت قصيدة قصيرة تحت عنوان ( أحتوي ذكراك الجميل ) هذا نصها :
أحتوي ذكرك الجميل,
بزهور لم أسقها منذ يومين,
قشور لبيضة الأمس تعوي في أناء ,
وحزمة من ثياب لفظتها حقيبة السفر السابق ,
بيتي عش وأنت حمام البيت .
أحتوي ذكرك الجميل .
ان مشاعر الفقدان واحدة في القصيدة وهذه اللوحة , خاصة في الثياب التي لفظتها حقيبة السفر السابق , ةفي الزهور الجافة . ولكن نسيج هذه اللوحة الخشن أكثر بلاغة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق